,
,
قصة الحطاب الفقير وبناته الثلاث
.بعيدًا عن القرية وعلى أطراف الغابة، أقام حطاب مع بناته الثلاث الصغيرات في كوخ مهجور. اختار هذا الكوخ ليكون مأواه على الرغم من انعزاله وبعده عن القرية. لأنه كان بسيط الحال ولم يكن لديه ما يعينه على بناء بيت في القرية.وكان الحطاب يعيش على جمع الحطب اليابس وبيعه لسكان القرية مقابل مبلغ يسير بالكاد يكفيه لذلك اليوم، وكان يصرفه كله في شراء طعام يكفيه وبناته الصغار. كان عليه أن يعمل يوميًا بلا توقف أو تعب، ليؤمن قوت يومه.
وذات يوم وبينما كان الحطاب يتناول عشاءه مع بناته الصغار ككل يوم وينظر إليهن بعين العطف والحنان، خاطب نفسه قائلا: أنا أعمل بجد كل يوم وبالكاد أُحَصِّلُ قوت يومي، ماذا لو أصبت بمرض أو تعرضت لمكروه يومًا؟ من سيكون المسؤول عن إطعام بناتي الصغيرات؟ وكيف سيتمكنّ من تدبير أمورهن في غيابي؟ لا بد لي أن أبذل جهدا مضاعفا حتى أستطيع توفير وادخار شيء من المال لمثل تلك الظروف الصعبة لا قدر الله. فقرر أنه ابتداء من اليوم الموالي، سيعمل على جمع كمية حطب وفيرة يحصل من بيعها على ما يكفيه لسد احتياجاته ولادخار قليل من المال ينفعه في وقت الحزة.
وفي صباح اليوم التالي، توجه الحطاب إلى الغابة وشرع في جمع الأغصان المتساقطة والمكسورة من الأشجار. كان ينتقل من مكان لآخر عله يجد حطبا وفيرا. لكنه في الأخير أدرك أنه يدور في حلقة مفرغة وأن كمية الحطب التي جمعها، هي نفس كمية الحطب التي يجمعها كل يوم والسبب هو أن الغابة كانت صغيرة ولا توفر في اليوم سوى تلك الكمية من الحطب. تحصر الحطاب على الوضع وأدرك أن جمع الحطب مردوده ضئيل ولن يحقق له هدفه، لذلك قرر أن يبحث له عن عمل آخر يحقق منه مكسبا محترما، فحمل ما جمعه من حطب وتوجه نحو القرية المجاورة، وباعه.
ثم صار يسأل أصحاب المحلات والتجار عن عمل. ومع ذلك، كان يُقابل بالرفض باستمرار، لأنه لا يتقن أي عمل أو حرفة سوى جمع الحطب. عاد الأب إلى بيته يجر أذيال الخيبة ويندب حظه التعيس.
<><>
,
,
وتلك الليلة وكعادته هيأ طعام العشاء و أطعم بناته الصغار وخلد الى سريره. ولما كان يستعد لإطفاء الفتيل لمح فأسه المعلق في الحائط والذي كان يتخذه زينة في بيته لا غير، ولم يستعمله في قطع شجرة قط في حياته، لأنه كان يدرك أن قطع الأشجار يعني تدمير الغابة وفقدان مصدر رزقه، لم يكن يقدم على ذلك. ولم تكن هذه الأسباب وحدها ما دفعه للامتناع عن قطع الأشجار، فقد تناقلت الألسن منذ زمن بعيد أخبارًا وشائعات تفيد بأن الغابة تحت حراسة عفريت لا يرحم، يعاقب بشدة كل من يحاول الاعتداء على أشجارها أو الإضرار بها.
لذلك ابتعد الجميع عن الغابة ولم يعد أحد يقترب منها إلا الحطاب المسكين. فكرالحطاب كثيرا ثم وقرر في الأخير أن يستعمل الفأس, لأنها كانت السبيل الوحيدأمامه لتحقيق ما يصبو إليه.
حل الصباح واتجه الفلاح نحو الغابة مصطحبا معه فأسه. ومع أول محاولة له لقطع الشجرة، لمح فجأة حزمة حطب جاهزة، ظن في البداية أنها تعود لحطاب آخر، فلما جاب المكان بحثا عن صاحبها لم يجد أثرا لأحد. فعاد وألقى نظرة أخرى على الحزمة فوجد ورقة كتب عليها: "خذها فهي هدية مني لك" لم يفهم الحطاب سبب اقدام ذلك اشخص على ذلك، لكنه لم يفكر في الأمر مرتين لأنه كان في أمس الحاجة إليها وحملها و توجه بها نحو القرية وباعها بثمن محترم ثم عاد الى كوخه سعيدا بما حصل عليه.
وفي اليوم الموالي, حصل معه نفس الشيء، حيث وجد حُزْمَةَ الحطبِ موضوعة في نفس المكان. ومنذ ذلك اليوم صار الحطاب يذهب كل يوم للغابة, ويَحمل حُزْمَةَ الحطب, ويبيعها, دون أن يعلم مصدرَها أو لماذا تُهْدَى إليه. وبعد مرور عامٍ كامل, والحطاب يفعل ما يفعله كل يوم، ويُحَقِّقُ به اكتفاءهُ ويَدَّخِرُ منه القليل، قرَّرَ هذه المرة أن يَقْطَعَ شجرةً, بعد أن اشتدَّ عودُ بناتهِ قليلاً, وازدادت مصاريفهن, ولم تعد حُزْمَةُ الحطبِ تكفيهِ لإطعامِهِن, وشراءِ ملابسٍ لَهُن.
فلما تَهَيَّأَ لقَطْعِ الشجرة. سمِع صوتًا يقول : يا أيها الحطاب, لا تقم بقطع الشجرة. توجه الحطاب بنظره نحو مصدر الصوت, فلم يجد سوى طائر أسود اللون, يَحُومُ فوق المكان الذي كان يقف به. فظن أنه يَتَهَيَّأُ ذلك الصوت بفعل التعب. ثم رفع فأسه مرة أخرى يَبْغِي قَطْعَ الشجرة، ولكن هذه المرة! ظهر له فجأةً ومن العدم! عفريت مرعب. إرتعب الحطاب من هول ما رآه, ورمى الفأسَ وَهَمَّ بالرجوع الى الخلف, خوفا على نفسه.
<><>
,
,
ثم سمعهُ يقول له: أنا هنا لأمنعك عما أنت بصدد فعله، كنت أراقبك منذ بدأت العمل كحطاب بهذه الغابة و أعلم أنك أب لثلاث بنات صغار, وأنت المعيل الوحيد لهنكما أعلم أنك كنت تجمع الأخشاب الجافة والمتساقطة فقط ولم تأذي الغابة قط في حياتك. لكنك قررت ذات مرة قطع الأشجار لحاجتك الماسة للمال. لذلك كنت أقدم لك حزمة من الحطب كل يوم, لأساعدك على توفير حاجيات بناتك الصغار، ولأثنيك عن قطع الأشجار.لكن بعدما عزمت قطع الأشجار هذه المرة أيضا رغم توفيري لك حزمة حطب تكفيك، ظهرت لأمنعك بنفسي من فعل ذلك لأنني لا أطيق رؤية أشجاري تقطع وتُباد. ولأنني حارس الغابة وحاميها فلقد ظهرت لك بصفة طائر في البداية لألا أرعبك,فلما لم تستوعب رسالتي، لم أجد مفرا من الظهور لك بشكليَ الحقيقي, رغم أنني لا أحبذ ذلكوالآن أرجوك أن تكتفي بحزمة الحطب التي أقدمها لك يوميًا، فهي تفي بحاجتك. وسأضيف إليها بعض الحطب الإضافي لتتمكن من تلبية احتياجات بناتك الصغيرات. واعلم، أيها الحطاب، أنني لم أعفُ يومًا عن أي شخص حاول إيذاء الغابة. ولكنك أول من أصفح عنه بل وأمد له يد العون، لأنك أب صالح وطيب القلب. لكنني رغم هذا كله أحذرك من تزيغ مرة أخرى و تحاول قطع شجرة لأنك لن تعلم ما سأفعله بك حينها. ثم اختفى عفريت الغابة بعد ذلك.
عاد الحطاب الى بيته وهو لا يكاد يصدق ما حدث له. بعد ذلك الحادث تفهم الحطاب رغبة عفريت الغابة وصار قانعا بحزمة الحطب التي يوفرها له كل يوم وكانت أموره تسير على أحسن ما يرام. الى أن جاء يوم مرضت فيه بنت الحطاب الصغرى فأخدها عند الحكيم, الذي فحصها واكتشف أن الطفلة مريضة بمرض نادر يجعلها تفقد قدرتها على الحركة يوما بعد يوم، ولحسن حظه أن لذلك المرض علاج, لكنه مُكْلِفٌ جدا لأن الأعشاب التي يُصنع منها الدواء, موجودة في بلاد الهند ومصاريف إحضارها مكلفة للغاية. تحصر الحطاب لأنه لم يعرف من أين يأتي بالمال، و حتى المال الذي إدخره من بيع الحطب لا يساوي شيئ مقارنة بتكلفة جلب الدواء من بلاد الهند.
ومن شدة حزنه على حال ابنته فقد قرر أن يعود للغابة ويقطع كمية أشجار تكفيه لتحصيل ثمن الدواء متجاهلا طلب حارس الغابة. فلما وصل الغابة وأراد قطع الشجر، تذكر تحذيرعفريت الغابة بأنه سينتقم منه إن هو قام بقطع الشجر, ثم تذكر الحطاب حال ابنته، وجلس تحت شجرة يبكي ويتحصرعلى عجزه وقلة حيلته.
<><>
,
,
وفجأة ظهر له عفريت الغابة مجددا من بعيد ونادى عليه أن يقترب منه. خاف الحطاب في البداية لكنه قرر أن يقترب من العفريت ليعرف سبب ظهوره، فلما وصل عنده وجد بئرا لم يكن له وجود قبل ذلك، فقال له عفريت الغابة : هذا البئر يستطيع بفضل الله شفاء ابنتك ان أنت جعلتها تغتسل بماءه سبع مرات. ثم انصرف العفريت من جديد دون أن يضيف كلمة واحدة. فرح الحطاب واستبشر, وعاد مهرولا نحو كوخه، وحمل ابنته المريضة على ظهره وانطلقعائدا بها نحو البئر العجيب، ثم أدلا بدلو واغترف من البئر شيء من ماءه، وغَسَّلَ ابنته سبع مرات, كما أخبرهالعفريت. ثم قام وحمل ابنته على ظهره وسار عائدا نحو كوخه. فلما اقترب من كوخه سمع ابنته الصغيرة تضحك وتلعب بخصلات شعره، وهي التي كانت لا تحرك ساكنا ودائمة الحزن والإنطواء. فرح الحطاب فرحا شديدا ما بعده فرح وكذلك بنتاه الأخرتين فرحا بعودة أختهما الصغيرة و عودتها لنشاطها وابتسامتها التي لا تفارقها.
في اليوم الموالي عاد الحطاب الى الغابة ليشكر عفريت الغابة على انقاذه لابنته لكنه لم يجده فحمل حزمة الحطب كالمعتاد وصار بها نحو القرية وباعها. وبينما هو عائد نحو بيته إلتقى بالحكيم فسأل الحطاب عن احوال ابنتهفأخبره الحطاب بقصته مع العفريت والبئر العجيب. لم يصدق الحكيم ما قاله الحطاب لكنه أراد التيقن فلربما يكون الحطاب قد قال الصدق. فأعطى الحكيم الحطاب دلوا وطلب منه أن يأتيه ببعض من ماء البئر العجيب ليعالج به طفلا مريضا وأبواه حالتهما ضعيفة ولايقويان على تكلفة علاجه. وافق الحطاب وحقق له طلبه. فلما غسل الحكيم الطفل المريض بماء البئر العجيب، قام الطفل يجري ويلعب وكأنه لم يمسسه مرض قط. تعجب الحكيم, وصدق كلام الحطاب.وطلب الحكيم من الحطاب أن يعمل عنده مقابل مبلغ محترمشريطة أن يحضر له كل يوم دلوا من ماء البئر العجيب. رفض الحطاب عرض الحكيم لكنه وافق بعد إصراره واشترط على الحكيمأن لايطلب مقابلا عند علاجه للمحتاجين بماء البئر وسيسيتخلى هو بدوره عن المبلغ الذي أراد الحكيم دفعه له مقابل احضاره لماء البئر. لأنه يعلم علما يقينا الثقل الذي يحمله أهل المريض لتوفير العلاج خاصة إن كانوا من ذوي الخصاص، لأنه مر من تلك الظرفية ويعرف قيمة مد يد المساعدة للمحتاجين، كما قدمها له عفريت الغابة.
<><>
,
,
كان الحطاب يجلب معه الدلو للحكيم كلما كان متوجها نحو القرية ليبيع حطبه وكان يضطر لنقص بعض الحطبات ليستطيع حمل دلو الماء وحزمة الحطب معا فكان يأخذ من مدخراته لسد الخصاص الذي تسبب به نقص الحطبات. استمر الحال على ما هو عليه حتى جاء يوم انقضت فيه مدخرات الحطاب.فحار ولم يعرف ماذا يفعل. أيحبس ماء البئر عن الحكيم أو يستمر في تزويده بالماء و يخاطر بقوت بناته الصغار. فكر الحطاب وقرر أخيرا أن يطلب من الحكيم إيكال أمر ماء البئر لغلام يطلعه على مكان البئر و يتكفل هوبإحضار الماء للحكيم. ففعل. ولما اضطلع الغلام على قدرة ماء البئر في علاج المرضى صار يجلب معه للقرية دلوين، دلو للحكيم والدلو الآخر يبيعه خلسة عن الحكيم والحطاب بثمن باهض للمحتاجين.
لكن الأمر لم يدم طويلا، فقد اكتشف الغلام أن البئر قد اختفىولم يعد موجودا كما لو لم يكن له وجود قبل ذلك. عاد الغلام مسرعا وأخبر الحكيم بذلك، فأرسل الحكيم في طلب الحطاب. فلما حضر استفسره الحكيم عن سبب اختفاء البئر. فأجابه الحطاب بأنه لا يعلم سبب ذلك لكنه مستعد للذهاب للغابة وسؤال عفريت الغابة عن سبب ذلك. وفعلا توجه الحطاب نحو الغابة وانتظر ظهور عفريت الغابة لكنه لم يظهر. فانصرف عازما على العودة في اليوم الموالي. وكذلك في اليوم الموالي لم يظهر العفريت. وكرر الحطاب المحاولة قرابة أسبوع دون فائدة. فعاد للحكيم وأخبره بذلك. وكان مجلس الحكيم مكتظا بالمرضى الذين يحجون من أماكن بعيدة بعدما وصل إلى علمهم خبر أن حكيما يداوي الناس بماء مبارك كل داء مستعص عن العلاج.
لم يعلم الحطاب سبيلا لمساعدة كل أولئك المرضى، سوى أن يعيد المحاولة أملا في لقاء عفريت الغابة هذه المرة. عاد الحطاب الى الغابة، لكنه هذه المرة قال بصوت عال: إن كنت تسمعني أيها العفريت، فأنا أستحلفك بالله أن تجيبني، وإن لم يكن لك رغبة في لقائي أنا الحطاب، فافعل ذلك لوجه الله من أجل كل ألئك المرضى الصغار والعجزة والمحتاجين. فلقد صاروا يعقدون آمالهم بعد الله علينا وصرت أشعر أنني خذلتهم وهم اللذين شدوا الرحال من قرًا ومدنٍ بعيدة آملين منا مساعدتهم. وأنا أتمنى أن تساعدني أيها العفريت في ذلك. وما كاد الحطاب ينتهي من ندائه حتى ظهر له عفريت الغابة فجأة وقال له: لقد قررت أيها الحطاب الطيب أن أخفي البئر. بعدما اتخذ الغلام الذي وكلتموه, ماءه سلعة تباع وتشترى، وسعى للإغتناء منه على حساب المساكين والمحتاجين. وكنت أعلم أنك أيها الحطاب الطيب لم تتقاضى أجرا مقابل توفير ماء البئر للحكيم وأنه هو الآخر لم يكن يشق على المرضى في أداء ثمن العلاج ولم يسعى قط للإغتناء من الماء . لذلك تركت لكم البئر ولم أخفها عنكم.
<><>
,
,
لكن بعدما صار الأمر تجارة على حساب المرضى و المحتاجين, قررت التدخل و اخفاء البئر. فقال الحطاب : الآن أدركت سبب حبسك للبئر عنا، والسبب تقصيري في تسليم البئر لأيد أمينة تصونه وتحقق به مقصدها وهو مساعدة الضعفاء والمحتاجين, وأنا ارجوا منك أن تتجاوز غلطتي وتساعدنا هذه المرة.سكت العفريت الغابة قليلا ثم قال : لأنك إنسان طيب وشهم سأعيد لكم البئر مرة أخرى، لكن هذه المرة لن يستطيع أحد استخراج الماء منها غيرك، وإن أراد شخص آخر فعل ذلك فلن يجد في البئر ماء. فقال الحطاب: لكنني يا شيخ الغابة إن أنا كرست وقتي لإيصال الماء للحكيم فلن يبقى لي وقت لنقل الحطب وبيعه وتوفير لقمة عيش لبناتي الصغار. فرد عليه شيخ الغابة بأنه هو الوحيد الذي يتق فيه لأداء المهمة وأنه كما وفر له الحطب في السابق فهو قادر على توفير حاجياته وحاجيات بناته. ثم تابع عفريت الغابة كلامه قائلا : إذهب عند الحكيم وقل له ألا يأخذ أجرا من عند الفقراء المحتاجين مقابل علاجهم بماء البئر، وأن يفرض على الأغنياء منهم والميسورين وكبار التجار أجرا مقابل ذلك، ثم استخلصوا منها كلاكما ما يكفيكما لتعيشا به وما بقي فصدقوه على المحتاجين من أهل القرية.
فرح الحطاب بكلام العفريت وشكره وعاد للقرية وأخبر الحكيم بذلك. سعد الحكيم هو الآخر بالخبر لأن المرضى كانوا يتوافدون دون انقطاع مما سبب له حرجا كبيرا. والآن وقد تحقق له المبتغى وصار ماء البئر متوفرا لكل المحتاجين فقد باشر الحكيم عمله بعلاج المرضى. وكان الكل سعيدا بالنتائج. وكان من بين المتوافدين للعلاج حكام وشخصيات بارزة وغنية وكانوا يجزون العطاء ففاضت الخيرات على الحكيم والحطاب. فصار الحطاب بعد توفيره لحاجيات بناته الصغيرات يشتري طعاما وملابس ويوزعها على المحتاجين من أهل القرية، وصار معروفا بأبو الكرم لشدة كرمه مع الناس، وكان الجميع يحبه ويحترمه. واستغل الحطاب حب الناس له ليدفعهم لفعل الخير فكانوا يخصصون يوما في الأسبوع يغرسون فيه الشجر, ويوما آخر لشق مساريب للماء لتقريب الماء الصالح للشرب من القرية ومن الفلاحين. مرت الأيام والشهور وكبرت بنات الحطاب وصرن يساعدنه في أعماله الخيرية
وكان الحطاب كلما مر على الغابة عائدا الى كوخه رفقة بناته، وجد دخلاء يحاولون سرقة ماء البئر، لكنهم بعد ادراكهم أن البئر يأبى امدادهم بالماء، يعودون أدراجهم خائبين. وصارت أيام الحطاب وبناته كلها سعادة وفرحا بسبب أنهم يساعدون المحتاجين وينشرون الخير في كل مكان تطأ أرجلهم فيه، وصارت القرية الأجمل بفضل الاصلاحات التي طرأت عليها وصارت مضرب المثل بين باقي القرى، والبلدات الأخرى.
.jpg)
إرسال تعليق